وقال: أحسنت، وحياتي أعد، فأعدت فشرب ولم يزل يستعيده ويشرب حتى اتكأ ثم قال للفتح بن خاقان: بحياتي ادفع إليه السّاعة ألف دينار وخلعة تامة، واحمله على شهري «١» فاره بسرجه ولجامه، فانصرفت بذلك أجمع.
قال ابن جامع: كنا مجتمعين في منزل أبي عيسى ابن المتوكل، وقد عزمنا على الصبوح، ومعنا جعفر بن المأمون، وسليمان بن وهب، وإبراهيم بن المدبر، وحضرت عريب وشارية وجواريها، ونحن في أتم سرور، وكان أهل الظرف والمتعانون في ذلك الوقت ضربين، عريبيّة وشرويّة «٢» فمال كل حزب إلى من يتعصب له منهما في الاستحسان والظرف والأفراح، وعريب وشارية ساكتتان لا تنطقان، وكل واحدة من جواريهما تغني صنعة ستها»
لا تجاوزها، حتى غنت عرفان:«٤»[المديد]
بأبي من زارني في منامي ... فدنا منّي وفيه نفار
فأحسنت ما شاءت، وشربنا جميعا، فلما أمسكت، قالت عريب لشارية: يا أختي، لمن هذا اللحن؟ قالت: لي كنت صنعته في حياة سيدي، تعني إبراهيم المهدي فاستحسنه وعرضه على إسحاق وغيره فاستحسنوه، وامسكت عريب، ثم قالت لأبي عيسى: أحب [ص ١٠٧] يا بنيّ فديتك أن تبعث الساعة إلى عثعث الأسود من يجيء به، فوجه إليه فحضر، وجلس، فلما اطمأن وشرب وغنى، قالت له عريب: يا أبا دليجة، أتذكر صوتا غناه زبير [بن] دحمان عندي وأنت حاضر، فسألته أن يطرحه عليك؟ فقال: وهل الغواني لها عذرها «٥» ، نعم والله، إني لذاكره، حتى كأننا أمس افترقنا عنه، قالت: غنّه، فاندفع يغني