للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* ومن نثره قوله:

كتابنا هذا والمرقب «١» في قبضة ملكنا، وربوعه قد عادت أطلالا، والأسياف التي كانت في أيدي أهلها قد جعلناها في أعناقهم أغلالا، وقد علم المجلس ما كانوا يحدثون به نفوسهم ويشبعون «٢» به رؤوسهم؛ واستفزهم من يحسن لهم في الطمع أمورا، ويعدهم الأباطيل وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً

«٣» وكان المانع أولا، ما كان من اضطراب الأمور، والتقاء الجيوش، واختلاف الآراء، وتغير النيات، إلى أن أمكن الله عز وجل من كل مناوئ منافر، وظفرنا من الأعداء بكل كافر، وكل من هو للنعمة كافر، ونحن مع ذلك نحيط بما يمكرونه علما، ونملي لهم ليزدادوا إثما، فلما تلمحنا مخايل النصر، سرنا إليها سرى الخيال الطارق، وأسرعنا نحوهم كما تسرع لمحة البارق، ولم نزل نوقد لهم البواتر، وندير عليهم الدوائر، ونشتت لآرائهم شملا، ونقطع من مكائدهم حبلا، ونفض لعزائمهم جمعا، وتكون جنودنا واقفة بإزائهم، فيخيل إليهم من خوفهم أنها تسعى، إلى أن أدركنا فيهم الثأر، وأطفأنا بهم النار، وضربنا عليهم الذلة، وجمعناهم جمع القلة، وأصبح ما كان يحميهم، يتحاماهم، وقلنا:

يا سيوف، دونك وإياهم؛ وكانت هذه القلعة مكانها في جوار النجم، وفناء اليم، يقدمها الجبال، ويعصمها البحر، وتحجبها الأودية، ويحصنها الوعر، وتحف بها سيوف لا تكلّ، وآمال لا تمل، وآجال يحفظونهم ولا يضيعونهم، وقوم يعصون الله ويطيعونهم؛ وسطرناها وبلادهم مهدومة، وجموعهم مهزومة، ويد الله فوق أيديهم، والخذلان من كل ناحية يناديهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>