للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه حتى فكّك أزرار نجومه من طوقه، ثم لم يزل حتى يخلط أول ليله بنهاره، ويجمع في طرفيه بين سقيفه ونهاره. فلا يخفف عنه شفقا، ولا يعرف أصيلا ولا شفقا؛ ولهذا ساد وساد ذكره بين تأويب وآساد. وهو من أئمة البيان، وأهله أهلّة الأعيان، أظهر اللطائف وبيّنها ومثّلها للعيان، وعيّنها، فأخرج خباياها، وأبدى خفاياها، وأتى فيها من شهد النحل ما ضمّت خلاياها، فأخذ اللبّ وترك القشور، وأبقى من صحفه ما لا يطوى إلى يوم النشور.

وأخذ النحو عن أبي الحسن، عبد الوارث ابن أخت أبي عليّ الفارسي. ولم يلق شيخا مشهورا غيره، لأنه لم يخرج عن جرجان. وكان ينتحل مذهب الشافعي، وأصول الأشعري.

وبرز على من تقدّمه، وأعجز من تأخّر عنه، وتوفي سنة إحدى وقيل سنة أربع وسبعين وأربعمائة. ومن شعره ما قاله ارتجالا، ممّا يكتب على القلم: [الكامل]

مهما حصلت بكفّ خير النّاس ... سعد جلوت المجد في القرطاس

ولقيت آمال العفاة بنجحها ... وقلعت بالنّعمى عروق الياس

وغدوت والسّيف المهنّد خادمي ... وترى الأسنّة لا تقوم لناسي

وقوله في معنى: [الوافر]

أتيه على الحسام إذا جرت بي ... يد الشّيخ الإمام أبي المحاسن

أقصّي الجود عنه في البرايا ... وأطلع بالمناجح والميامن

ومنه قوله: [مخلع البسيط]

أعرض عن العقل لا ترده ... ومل إلى الجهل ميل هايم

وعش حمارا تعش بخير ... فالسّعد في طالع البهائم

ومنه قوله: [السّريع]

لا تأمن الغيبة من شاعر ... ما دام حيّا لافظا ناطقا

فإنّ من يمد حكم كاذبا ... يحسن أن يهجوكم صادقا

<<  <  ج: ص:  >  >>