للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أول كل بيت وآخره. وذكر في التفريع، أن ابن الإصبع ذكره في صدر الباب، وقال: إنه هو الذي استخرجه، وهو أن يبتدئ الشاعر بلفظة، هي إما اسم أو صفة، ثم يكرّرها في البيت مضافة إلى أسماء أو صفات، تتفرع عليهما جملة من المعاني في المدح وغيره، كقول المتنبي: [المتقارب]

أنا ابن اللّقاء أنا ابن السّخاء ... أنا ابن الضّراب أنا ابن الطّعان

أنا ابن الفيافي أنا ابن القوافي ... أنا ابن السّروج أنا ابن الرّعان «١»

طويل النّجاد طويل العماد ... طويل القناة طويل السّنان

حديد اللّحاظ حديد الحفاظ ... حديد الحسام حديد الجنان «٢» ، «٣»

قال شيخنا: وفيما ذكره نظر؛ لانه باب تعديد الصفات أنسب.

وقال في الإبداع: قال ابن أبي الإصبع: وما رأيت فيما استقريت من الكلام كأنه استخرجت منها واحدا وعشرين ضربا من المحاسن، وهي قوله تعالى: وَقِيلَ يا أَرْضُ ابْلَعِي ماءَكِ وَيا سَماءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ الْماءُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «٤»

، وهي المناسبة الثامنة بين اقلعي وابلعي، والمطابقة بذكر الأرض والسماء، والمجاز في قوله: (يا سماء) ؛ فإن المراد، والله أعلم، يا مطر السماء، والاستعارة في قوله:

(أقلعي) والإشارة في قوله تعالى (غِيضَ الْماءُ)

؛ فإنه عبرّ بها بين اللفظتين عن معان كثيرة.

والتمثيل في قوله سبحانه: (وَقُضِيَ الْأَمْرُ)

؛ فإنه عبّر عن هلاك الهالكين، ونجاة الناجين بغير لفظ المعنى الموضوع له، والإيذان في قوله تعال: (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ)

، فإنه عبرّ عن استقرارها بهذا المكان استقرارا متمكنا بلفظ قريب من لفظ المعنى والتعليل؛ لأن غيض الماء علة الاستواء، وصحة التقسيم، اذا استوعب سبحانه اقتسام أحوال الماء حالة نقصه؛ إذ ليس

<<  <  ج: ص:  >  >>