للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وكانت ضغينة] على أخيه «١» في صدره منه يجدها، ومحنة تقدمت له به لا يجحدها، فإنه كان هو المقدم لابن أخيه، فأسرّها له في نفسه ضغينة حقدها، ونيّة أقبرها له في باطنه وألحدها، وطاوله بها إلى السنة الثالثة، ثم قتله، وأنزل به الحادثة، وكان ذلك في يوم عيد الفطر سنة ثلاث وثلاثين وأربع مائة [ص ٣٣] فأشام عيده، وشام من بارق المهند وعيده، بعد أن استخرج منه أموالا بسط عليه في المطالبة فيها أنواع العذاب المهين، وأبرز له فيها كوامن الداء الدفين، ثم بايعه أهل غرناطة، وبلاد أخرى من الأندلس، وانقادت له بطاعة قلوبها، وعقد نياتها التي بين جنوبها، فثبّت المملكة وشد أواصرها، ورفع قصورها ومقاصرها، ورد كيد عدوها في نحره، وأغرق راكب ثبج العزاء «٢» في نحره، وعدل في أحوال الرعية، وجبى الأموال وقسمها بالسوية، ثم توفي في جمادى الأولى «٣» سنة أربع وثلاثين وأربع مائة، وكانت مدتها أربع سنين كأنها يوم واحد، لأسف الناس على قصر مدتها وطيبها، وأوقاتها التي كأنما غربت شمس النهار بغروبها، ولم يترك من ورثته إلا ولدا صغيرا «٤» ، فاعتقله نجا الصقلبي، وغلب على مالقة وأعمالها، واستبد بتدبير المملكة، إلى أن شحط بها قتيلا في دمه، ووضع رأسه الشامخ تحت مواطئ قدمه.

حكي أن بعض ندماء المستنصر حضر إليه، واليوم قد طرّ بالليل شارته، والأصيل قد كرع في الراح شاربه، والشمس قد اعتلت وما بها سقم لشلوه، والنهار قد قارب وحضر عود النجوم ليبكوه، فدام عنده في جنة تنعم في وطوفها، ومنة تكرم بصنوفها، حتى أقبل الليل ثم ذهب، وأطوله كاللمح

<<  <  ج: ص:  >  >>