تقترف لم تسرف، فقال: أيها الأمير، فإن عفوت، فاجعله العفو الذي لا يخالطه تثريب، ولا يكدر صفوه تأنيب، قال قد فعلت، فقم بنا ندخل منزلك حتى نوجب عليك حقا بالضيافة، فقام مسرورا، فدخلنا منزله، ودعا بالطعام الذي كان أعده «١» لنفسه، فأكلنا وجلسنا نشرب في مستشرف له، واقبل الجيش، وأمرني عبد الله أن أتلقاهم فأرحّلهم، ولا يترك أحد منهم في البلدة، ثم دعا بدواة، فكتب له يسوغه خراجه سبع سنين، وقال: إن نشطت لنا فالحق بنا، وإلا فأقم مكانك، فقال: أنا أتجهز وألحق الأمير، ففعل ولحق بمصر، ولم يزل مع عبد الله ابن طاهر لا يفارقه حتى دخل العراق، فودعه وأقام ببلده.
قال ابن خرداذبة: كان موسى بن خاقان مع عبد الله بن طاهر، وكان نديمه، وجليسه، وكان له مؤثرا مقدما، فأصاب معه معروفا كثيرا، وأجازه جوائز سنية، ثم إنه وجد عليه في بعض الأمر فجفاه، فرجع موسى إلى بغداد، فكتب إليه:«٢»
إن كان عبد الله خلانا ... لا مبديا عرفا وإحسانا
فحسبنا الله رضينا به ... ثم بعبد الله مولانا
يعني بعبد الله الثاني المأمون، وغنّت فيه جاريته لحنا من الثقيل الأول، وسمعه المأمون منها، فاستحسنها، ووصله وإيّاها، فبلغ ذلك عبد الله بن طاهر، فغاظه، وقال: أجل، صنعنا المعروف إلى غير أهله فضاع.