نصبحه، دعاني عبد الله في الليل فقال: أنت «١» عندي الليلة، ولتكن فرسك عندك لا تردّ، فلما كان في السحر أمر غلمانه وأصحابه أن لا يرحلوا حتى تطلع الشمس، وركب في السحر وأنا وخمسة من خواص غلمانه [معه] ، وسار حتى صبّح «٢» الحصني، فرأى بابه مفتوحا، ورآه جالسا مسترسلا، فقصده وسلم عليه، ونزل عنده، وقال: ما أحلّك هاهنا وحملك على ان فتحت بابك ولم تتحصن من هذا الجيش المقبل، ولم تتنحّ عن عبد الله بن طاهر، مع ما في نفسه عليك، وما بلغه عنك؟ فقال: إن الذي قلت لم يذهب عليّ، وإنما تأملت أمري وعلمت أني قد أخطأت خطيئة حملني عليها نزق الشباب وغرة الحداثة، وإني إن هربت لم آمنه، فباعدت البنات والحرم، واستسلمت بنفسي وكل ما أملك، فإني [من] أهل بيت قد أسرع القتل فينا، ولي فيمن مضى أسوة، فإن الرجل إذا قتلني وأخذ مالي وشفى غيظه، لم يجاوز ذلك إلى الحرم، ولا له فيهن أرب، ولا يوجب جرمي إليه أكثر مما بذلته، قال: فو الله، ما اتقاه عبد الله إلا بدموعه تجري على لحيته، ثم قال: أتعرفني؟ قال: لا والله، قال: أنا عبد الله بن طاهر، وقد أمّن الله خوفك وحقن دمك، وصان حريمك، وحرس نعمتك، وعفا عن ذنبك، وما تعجلت إليك وحدي إلا لتأمن «٣» وأن لا يخالط عفوي عنك روعة، فبكى الحصني وقام فقبل رأسه، وضمّه إليه عبد الله وأدناه، ثم قال: أما الآن فلا بد من عتاب، يا أخي جعلت فداك، قلت شعرا في قومي أفخر بهم [ص ١٠١] لم أطعن فيه على حسبك، ولا ادعيت فضلا عليك، وفخرت بقتل رجل، هو وإن كان من قومك، فهم القوم الذين ثأرك عندهم، وكان يسعك السكوت. وإن لم