القائم بن عبيد الله الإسماعيلي «١» الذي خطب له بالخلافة في المغرب، وكان قد وجّه لبغداد قصيدة يفخر فيها ببيئته، وبما فتح من البلاد، فأجابه الصولي بقصيدة على وزنها ورويها:[الطويل]
فلو كانت الدنيا مثالا لطائر ... لكان لكم منها بما حزتم الذنب
قال ابن سعيد: وأنا استحسن هذا البيت فإنه وقع في موضعه لكون البلاد التي كانت بيد القائم في ذلك الزمان من الأرض بمنزلة ذنب الطير لكونها في آخر المعمور، وكونها رقيقة ضيقة العرض في المساحة قد خنقها البحر من جهة الشمال والصحراء من جهة الجنوب، وهذا البيت هو الذي حرّك همّة القائم، وقال والله لا أزال حتى أملك صدر الطائر ورأسه إن قدرت، وإلا أهلك دونه، فكابد على الديار المصرية من الحروب أهوالا، ومات ولم يظفر بحضرتها وإن كان قد عاث في أطرافها برا وبحرا على ما هو مذكور في التواريخ، وأوصى ابنه المنصور بما كان في عزمه، فشغلته الفتن التي دهمته في إفريقية، فكان الظافر بالديار المصرية المعزّ بن المنصور بن القائم «٢» ، وتوالت عليها خلفاؤهم، وخطب لهم باليمن والحجاز والشام والجزيرة والعراق، وخطب لمستنصرهم الذي جاز في الخلافة ستين سنة «٣» في حضرة الإمامة بغداد سنة، وخطب للنزارية