المقل «١» ، فيفيدها حلاوة من نطف «٢» ألفاظه العذاب، ولطف بدائعه التي تبدو في فيه كأنها الأري المذاب «٣» ، واخترعوا أنواعا من البديع زادت كلامهم رونقا، ونشرت منه روضا مؤنقا، وجرت من ينابيع خواطرهم سلسلا متدفقا، وسيلا سبق ارتداد الطرف وكأنه جاء مترفّقا، وأتوا في هذا بما لا قدرت عليه الأوائل، وربّما أتي لهم وما أتوا فيه بباطل، وإن كان أصل ما جاء للمتأخرين مما غبر، فإن السيوف تجز الرقاب، وتعجز عما تنال الإبر، وكذلك إذا نظرت بعين المنصف، واطرحت هوى النفس لا تجد للمغرب لدى المشرق يدا في (ص ٧٠) فضل ولا باعا في علياء، وإن كنت قد ذكرت هذا مجملا فأفصله، أو مبهما فسأبينه، ولله عليّ أن لا أعدل عن سراط «٤» الحق السوي، ولا أنكب «٥» عن قصد الإنصاف الأمم «٦» ، ولا أدعي ذلك في الأفراد بل في الجملة، ولا في الجزء بل في الكل، وبالله أسترشد، ومنه أسأل الإعانة، ثم إني لا أقصر ما وجدت طلقا ممتدا، إلا إذا خشيت أن أملّ، ولا أطيل ما رأيت إيجازا مغنيا إلا إن خفت أن أخل، وها أنا أقول: إن الذي يعرف به التفاضل منحصر في الحيوان، والنبات والمعدن، وأشرف الحيوان الإنسان، وهو طبقات متفاوتة، أعلاها ذروة الأنبياء عليهم