أعضاءه الموزعة وأشلاءه الممزقة، حتى فرق الخلاف للفرار من الاختلاف، لا ترى إلا من يدلي منه بدليل، ويصحح قوله الممرض منه بتعليل. (ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة، أليس في جهنم مثوى للمتكبرين) ، وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ
«١» ، وهذا القول وحسبك. قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ
. «٢» واعلم أن بشرف القرآن العظيم شرف أهله، وتقدمهم تبع لفضله، وهم حملته البررة ونقلته وصدورهم له صحف مطهرة، وإذ هم حفظته هم به محفوظون. قال الله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ
«٣» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)«٤» . وقال:(ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن)«٥» فجعلهم منه.
وهذا إلى ما لا يحصى مما جاء فيهم، وورد في فضلهم، وها نحن نذكر مشاهير قرّاء المشرق، حتى نتبع الأموات بالأحياء، ثم نتبعه بمثله في مشاهير قراء المغرب، وبدأنا بأبيّ بن كعب لأن منه زخر عباب هذا البحر الخضم، وإلى كنف الأخذ عنه أكثر القراء انضم، لقد فخر به المشرق حتى جر جلبابه خيلاء، وتهلل