وأغدقت عليه أم جعفر «١» المواهب، وأغصت بالعطايا إليه حلوق المذاهب، وأصبح بانضمامه إلى جناح ابنها يحلّق «٢» حيث تقصّ القوادم «٣» ، وتقصّر لوامع البروق «٤» في الليالي العواتم، وعزّت إفاداته، حتى عدّت للقعود للطلبة أوقاته «٥» . وكان لا يجلس إلا مجلسا عاما، وينصب له كرسيّ يصعده، وذو التحصيل يصغي إلى ما يقرأ به ويقيده، إذ كان زمانه لا يسع إشغال كل واحد بمفرده، ولا قوله بلسانه وتقييده بيده «٦» . ولد في حدود سنة عشرين ومائة «٧» ، وسمع من جماعة (ص ٩٢) وقرأ القرآن وجوّده على حمزة الزيات «٨» ، وعيسى ابن عمر الهمداني وزايده، ونقل أبو عمرو الداني وغيره أن الكسائي قرأ على محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أيضا، واختار لنفسه قراءة «٩» ، ورحل إلى البصرة فأخذ العربية عن الخليل بن أحمد «١٠» وأخذ الحروف أيضا عن أبي بكر ابن عياش وغيره «١١» ، وخرج إلى البوادي فغاب مدّة طويلة، وكتب الكثير من اللغات والغريب عن الأعراب بنجد وتهامه، ثم قدم وقد أنفد خمس عشرة قنينة