للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأمرهم بالاتحاد والألفة، وأنه إذا كتب إليهم بدأ باسمه قبلهم، وكلهم مذعنون له بالتقدم عليهم.

وحدثني بكثير مما عليه صاحب هذه المملكة، وأنهم على ما هم عليه من الجاهلية؛ على السيرة الفاضلة الشاملة لأهل مملكته، ومن يرد إليها من الجافهم «١» ، بجناح العدل والإحسان، ومعاملتهم بقشور من لحاء شجر التوت [١] ، مطبوعا باسمه، فإذا عتق ذلك المتعاطى به «٢» ، حمله إلى ثواب هذا القان، وأخذ عوضه مع خسارة لطيفة [٢] ، كما يؤخذ من دار الضرب على ما يؤخذ إليها «٣» من الذهب والفضة، ليضرب بها.

وأهل مملكته هم أهل الأعمال اللطيفة والصنائع البديعة التي سلمت إليهم فيها الأمم، وقد ملئت الكتب عن أحوالهم بما أغنانا عن ذكره.

ومن عادة المجيدين في الصنائع أنهم إذا عملوا عملا بديعا، حملوه إلى باب الملك، وعلق به ليراه الناس، وتبقى سنة كاملة، فإن سلم من عائب، أسدى إلى صانعه صنائع الإحسان، وإن عيب عليه، وتوجه العيب، وضع قدر الصانع، وإن لم يتوجه العيب، قوبل من عاب عيبا غير متوجه قصد الأذية.

ومما حكى في هذا أن صانعا منهم صور في نقوش الثياب الكمخاء عصفورا على سنبلة حتى مثله كأنه حقيقة، فلما علقه حيث يعلق مثله، استحسنه كل من


[١] هي نوع من العملة المستعملة، فهناك عملة من الذهب والفضة ولحاء الشجر وتسمى جميعها بايزه (حاشية جامع التواريخ ١/٢٤٧) .
[٢] وتسمى كانمد وهي مختومة بخاتم السلطان (رحلة ابن بطوطة ٤١٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>