يكن أكثر منه عدد طالب «١» ، ومدد راغب، وجدد فوائد تغصّ بها المذاهب، منور الآناء بقراءة لا يونّي في تلاوتها، ولا يولي وجهه صادا عن إبلاغ أمانتها، حتى قصد من شاسع الأرجاء «٢» ، وأقدم على التحصيل منه طامع الرجاء، وكان عصره به ضحى، وبقي فضله أثرا على جبين الدهر إلا أنه ما انمحى.
قرأ على ابن عبدوس عشرين ختمة، وعلى قنبل المكي، وسمع القراءات من طائفة كثيرة، ذكرهم في صدر كتابه، وسمع للحديث وتصدر للإقراء، وازدحم عليه أهل الأداء، ورحل إليه من الأقطار، وبعد صيته، وفاق في عصره سائر نظرائه من أهل صناعته، مع اتساع علمه وبراعة فهمه، وصدق لهجته، وظهور نسكه «٣» .
وتصدر للإقراء في حياة محمد بن يحيى الكسائي الصغير «٤» . قال أبو الحسن بن سالم البصري: سمعت ابن مجاهد يقول: رأيت ربّ العزة في المنام فختمت عليه ختمتين، فلحنت في موضعين فاغتممت. فقال يا ابن مجاهد الكمال لي الكمال (لي)«٥» .