من أين أنت؟ فقلت: من الشام، جئت إلى ابن مجاهد، فلم أصل إليه. قال: له امرأة شامية، فامض وسل عنها.
فمضيت، وسألت عنها، فخرجت جارية، فقالت: من أي موضع أنت بدمشق؟ قلت: من قينية «١» - وكانت قائمة وراء الباب تسمع- فقالت:- هي بنفسها-: كيف مولاي أبو الحسن ابن الأخرم، وأخوه؟ قلت: أنا هو، ففرحت بي فرحا كادت أن تظهر لي، وأخذت تسألني عن (ص ١١٦) أهلي، وجيراني، وقالت: ألك حاجة؟ قلت: أريد أن أقرأ على الشيخ. قالت: إذا كان من الغد، فاذهب إلى المسجد، فإنك تصل إلى ما تريده.
فلما أصبحت وقفت على باب المسجد، فإذا الشيخ قد أومأ إلي بالدخول، وإذا جماعة من أصحابه قد تبادروا إلي، ووسعوا لي، فلما جلست، قال: أنت ابن الأخرم؟ قلت: نعم. فأخذ يسألني عن الحروف، وأنا أجيبه عن الغريب، وعن الشواذ، وعن معاني ذلك، فجذبني إلى عنده، وأقعدني بجنبه، ثم قال لأصحابه: هذا صاحب الأخفش.
فلما قام ابن مجاهد، اجتمع إليّ جميع أصحابه، وقرأوا علي، وأدخلني ابن مجاهد على الوزير ابن عيسى «٢» ، فقضى حوائجنا «٣» ، وألزمني الوزير بالمقام