العلم لقول النبي صلى الله عليه وسلم «من سئل عن علم فكتمه ألجم بلجام من نار»«١»
قال: وكان سبب الوحشة بينهما هذا.
وقال ابن أبي حاتم «٢» : كان البخاري إذا كنت معه في سفر يجمعنا بيت واحد إلا في القيظ أحيانا، فكنت أراه يقوم في ليلة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة، في كل ذلك يأخذ القداحة، فيوري نارا بيده، ثم يخرج أحاديث، فيعلم عليها، ثم يضع رأسه، وكان يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة يوتر بواحدة، وكان لا يوقظني في كل ما يقوم، فقلت له: إنك تحمل على نفسك كل هذا، ولا توقظني، قال: أنت شاب فلا أحب أن أفسد عليك نومك، ورأيته استلقى على قفاه يوما، ونحن بفربر في تصنيف كتاب التفسير، وكان أتعب نفسه في كثرة إخراج الحديث، فقلت له: يا أبا عبد الله سمعتك تقول يوما: إني ما أتيت شيئا بغير علم قط منذ عقلت، قلت: وأي علم في هذا الاستلقاء؟ قال: أتعبنا نفسنا في هذا اليوم، وهذا ثغر من الثغور خشيت أن يحدث حدث من أمر العدو، فأحببت أن أستريح (ص ١٦٩) وآخذ أهبة ذلك، فإن عافصنا «٣» العدو كان بنا حراك «٤» .