ونشأت شرقا، والحافر معدنا لا يذهب ذهبه، ولا تبقى جذوة الشرق، إلا أنها لا تتلهب وحلة بغداد، ودجلة كمها الأزرق، وشعاع البدر طرازها المذهب، شرف منبرها برقيه، وواصل سندها، وعن أبي بكر يروي حديث علية، وصاحب تاريخها الذي فل «١» معه جمع ابن عساكر، وصديت مرآة ابن الجوزي في وجه الناظر، وأصبح كل معجم سبق قبله لا يبين، أو جاء بعه منقطع القرين، لا بل كل تاريخ جرى به سابق قلم، وراءه قد وقع مغشيا عليه، ساكت الحس، خافت الأنين.
كان من الحفاظ المتقنين، والعلماء المتبحرين، ولو لم يكن له سوى التاريخ لكفاه، فإنه يدل على اطلاع عظيم، وصنف قريبا من مائة مصنف، وفضله أشهر من أن يوصف، أخذ الفقه عن أبي الحسين المحاملي «٢» ، وأبي الطيب الطبري «٣» ، وغيرهما، وكان فقيها، فغلب عليه الحديث، والتاريخ.
قال ابن ماكولا: كان أبو بكر الخطيب آخر الأعيان ممن شاهدناه معرفة، وحفظا، واتقانا، وضبطا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتفننا في علله، وأسانيده، وعلما بصحيحه، وغريبه، وفرده، ومنكره، ومطروحه.