وتفقه بالمدنيين والمصريين من أكابر أصحاب مالك بعد انتفاعه بمالك وملازمته له، وكان مالك يسميه عاقل الأندلس، وكان سبب ذلك فيما روي:
أنه كان في مجلس مالك مع جماعة من أصحابه فقال قائل: قد حضر الفيل، فخرج أصحاب مالك كلهم لينظروا إليه ولم يخرج يحيى، فقال له مالك: ما لك لا تخرج تراه، لأنه لا يكون بالأندلس؟ فقال: أنا جئت من بلدي لأنظر إليك، وأتعلم منك هديك وعلمك، ولم أجئ لأنظر إلى الفيل. فأعجب به مالك وسماه/ (ص ٢٣٤) عاقل الأندلس. ثم إن يحيى عاد إلى الأندلس وانتهت إليه الرئاسة بها، وبه انتشر مذهب مالك في تلك البلاد، وتفقه به جماعة لا يحصون عددا، وروى عنه خلق كثير، وأشهر روايات الموطأ وأحسنها روايته، وكان مع إمامته ودينه معظما عند الأمراء، مكينا عفيفا عن الولايات، متنزها، جلّت رتبته عن القضاء، فكان أعلى قدرا من القضاة عند ولاة الأمر هنالك لزهده في القضاء،