منتهاه، وكان ربّ جهاد في الثغر، وسدّاد للثغر، ينام والعدو الأزرق من البحر ينظر شزرا، وينوي للرقاب الممتدة جزرا، أقام ببيروت وكتب في عددها، وحسب ريادة في عمدها، وكان محط الرحلة، ومحل الفضل الذي لا يجنى مثله مجاجة «١» النحلة، علما جما ما نقص/ (ص ٢٧٥) وفضلا مقبلا ما نكص، ورسائل هي قطع الروض المنوّر، وصفو الزلال المتحدّر.
وعدد النجوم إلا أنه يضعها غير متكثّر، ويفرعها الشامخ غير متكبّر، ولجلالة مكانه في العلم لم أذكره إلا لحلة فضله طرازا، ولجملة كماله تماما لا إعوازا، كل هذا إلى دين لا يجاذبه فيه منازع، وتقى كمن عساه يزع إن لم يكن منه للأوزاعي وازع.
ولد ببعلبك سنة ثمان وثمانين للهجرة، وقيل سنة ثلاث وتسعين، ونشأ يتيما، بالكرك بالبقاع، ثم نقلته أمه إلى بيروت، وكان فوق الرّبعة خفيف اللحية به سمرة، وكان يخضب بالحناء، ولم يكن بالشام أعلم منه، قيل: إنه أجاب في سبعين ألف مسألة، روي أن سفيان الثوري «٢» بلغه مقدم الأوزاعي فخرج حتى لقيه بذي طوى، فحل سفيان رأس بعيره عن القطار، ووضعه على رقبته، فكان إذا مر بجماعة قال: الطريق للشيخ، قال إسماعيل بن عيّاش «٣» : سمعتهم يقولون سنة أربعين ومائة: الأوزاعي اليوم عالم الأمّة، وقال أبو إسحاق