بين يدي الله فلفظتها، فقلت: دماؤهم عليك حرام، فغضب، وانتفخت عيناه وأوداجه، فقال لي: ويحك، ولم؟ قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل دم امرء مسلم إلا بإحدى ثلاث: ثيّب زان ونفس بنفس وتارك لدينه «١» . فقال: ويحك أو ليس الأمر لنا ديانة؟ قلت: كيف ذاك؟ قال: أليس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى إلى عليّ؟ قلت: لو أوصى إليه ما حكّم الحكمين، فسكت، وقد اجتمع غضبا، فجعلت أتوقع رأسي يسقط بين يدي، فقال بيده هكذا يومئ أن أخرجوه، فخرجت، فما أبعدت حتى لحقني فارس/ (ص ٢٧٧) فنزلت وقلت: قد بعث ليأخذ رأسي، أصلي ركعتين، فكبّرت وصليت، فسلّم، وقال: إن الأمير بعث إليك بهذه الدنانير، قال: ففرقتها قبل أن أدخل بيتي، وقال الأوزاعي: كنا نمزح ونضحك، فلما صرنا يقتدى بنا خشيت أن لا يسعنا التبسم، وكان أهل الشام، ثم أهل الأندلس على مذهب الأوزاعي مدّة، ثم فني العارفون به وبقي منه ما يوجد في كتب الخلاف. وقال عقبة بن علقمة البيروتي «٢» : دخل الأوزاعي حماما في بيته، وأدخلت معه زوجته كانونا ليدفأ به ثم أغلقت عليه وتشاغلت فهاج الفحم فمات، قال عقبة فوجدناه متوسدا ذراعه إلى القبلة، قال أبو مسهر «٣» : أغلقت عليه غير متعمدة فمات، فأمرها سعيد بن عبد العزيز «٤» بعتق رقبة، ولم يخلّف