للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتزييفه لغالب الآراء، وتقريبه لجهلة العوام وأهل المراء، وما أفتى به آخرا في مسألتي الزيارة والطلاق «١» ، وإذاعته لهما حتى تكلم فيهما من لا دين له ولا خلاق، فسلّط ذبال الأعداء على سليطه، وأطلق أيدي الاعتداء في تفريطه، ولقّم نارهم سعفه «٢» ، وأرى أقساطهم «٣» شرفه، فلم يزل إلى أن مات عرضه منهوبا، وعرضه موهوبا وصفاته تتصدع، ورفاته لا يتجمع، ولعل هذا الخير أريد به، وأربع «٤» له لحسن منقلبه، وكان لتعمده للخلاف، وتقصده لغير طريق الأسلاف، وتقويته للمسائل الضعاف، وتقويضه عن رؤوس السعاف، تغير مكانته من خاطر السلطان، وتسبب له التغرّب عن الأوطان، وتنفذ إليه سهام الألسنة الرواشق، ورماح الطعن في يد كل ماشق، فلهذا/ (ص ٢٩٩) لم يزل منغصا عليه طول مدّته، لا تكاد تنقدح عنه جوانب شدّته، هذا مع ما جمع من الورع، وإلى ما فيه من العلى، وما حازه بحذافير الوجود من الجود، كانت تأتيه القناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسوّمة والأنعام والحرث فيهبه بأجمعه، ويضعه عند أهل الحاجة في موضعه، لا يأخذ منه شيئا إلا ليهبه، ولا يحفظه إلا ليذهبه، كله في سبيل البر، وطريق أهل التواضع «٥» لا أهل الكبر، لم يحل به حب الشهوات، ولا حبب إليه من ثلاث الدنيا غير الصلاة، ولقد

<<  <  ج: ص:  >  >>