للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإننا ما رأينا في زماننا، ولا سمعنا عمن قارب زماننا أن امرأة تحكمت تحكمها، وقد وقفت علي كثير من الكتب الصادرة عن ملوك هذه البلاد من عهد بركة [١] وما بعده، وفيها وانفقت آراء الخواتين والأمراء على كذا أو ما يجري هذا المجرى.

وقاعدة الملك بها السراي [٢] ، وهي مدينة صغيرة بين رمل ونهر، وقد بنى بها سلطانها القائم بها الآن ازبك خان [٣] مدرسة للعلم، وهو معظم لجانب العلم وأهله.

وحدثني الصدر زين الدين عمر بن مسافر أن هذا السلطان أزبك غير ملتفت من أمور مملكته إلا إلى جمليات الأمور دون تفصيل الأحوال، يقنع بما جمل إليه، ولا يفحص عن وجوهه في القبض والصرف، وإن لكل امرأة من خواتينه جانبا من الجمل [٤] ، وهو يركب كل يوم إلى امرأة منهن يقيم ذلك اليوم عندها، يأكل في بيتها، ويشرب [٥] ، وتلبسه بذلة قماش كاملة، ويخلع التي كانت عليه، على من يتفق ممن حوله، وقماشه ليس بفائق الجنس، ولا غالي الثمن، وهو مسلم، حسن


[١] بركاي خان من نسل جغتاي حارب هولاكو خان وابنه آباقا خان، وكان قد أسلم وحسن إسلامه (انظر:
جامع التواريخ ١/٣٤١- ح ٢/١٤) وهو بركة بن جوجي حكم ما بين سنة ١٢٥٧- ١٢٦٦، تركستان ٧١٩) .
[٢] مدينة السراي: حاضرة السلطان أزبك، وهي من أحسن المدن قال عنها ابن بطوطة أنها في بسيط من الأرض تغص بأهلها كثرة، حسنة الأسواق متسعة الشوارع بها الآص وهم مسلمون والقفجق والجركس والروس والروم وهم نصارى (رحلة ابن بطوطة ٢٣٧- ٢٣٨) .
[٣] أزبك خان: أحد الملوك السبعة الذين هم كبار، عظيم المملكة شديد القوة كبير الشأن، رفيع المكان، قاهر لأعداء الله أهل قسطنطينية العظمى، مجتهد في جهادهم، وبلاده متسعة، ومدنه عظيمة منها الكفا والقرم والماجر وآزاق وسودان وخوارزم وحاضرته سرا (رحلة ابن بطوطة ٢٢٠) وهو أزبك بن طوغريلجه بن مونكو تيمور بن توقو خان بن باتو بن جوجي حكم ما بين ١٣١٣- ١٣٤١ م (تركستان ٧١٩) .
[٤] وكذلك كان يفعل أبو سعيد بهادر (انظر رحلة ابن بطوطة ١٥٤) .
[٥] تكون كل خاتون من خواتينه على حدة في محلتها، فإذا أراد أن يكون عند واحدة منهن، بعت إليها يعلمها بذلك فتتهيأ له (رحلة ابن بطوطة ٢٢١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>