للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بكر مجدّا والليل ما انشقّ رداؤه، والسّحر ما بلّت أعطاف الزهر أنداؤه، واستدام حتى هدم النوم، وحرّم على الجفن جفا النوم. فامتلأ ما وسعه إناؤه، وأودعه منه الدهر وآناؤه، ثم أضحى يصول صولة الشجاع، ويفرق تفاريق الشعاع.

قال ابن خلكان: كان إماما في النحو والأدب، ونقل النوادر وكلام العرب. ومما رواه أن أعرابيا هوي أعرابية، فأهدى إليها ثلاثين شاة وزقا من خمر مع عبد له أسود، فأخذ العبد شاة في الطريق فذبحها، وأكل منها وشرب بعض الزقّ، فلما جاءها بالباقي عرفت أنه خانها في الهدية، فلمّا عزم على الانصراف سألها، هل لك من حاجة، فأرادت إعلام سيّده بما فعل العبد، فقالت: اقرأ عليه السلام وقل له إن الشهر كان عندنا محاقا، وإن سحيما راعي غنمنا جاء مرثوما «٣» فلم يعلم العبد ما أرادت بهذه الكتابة. فلمّا عاد إلى مولاه أخبره برسالتها، ففطن ما أرادته، فدعا له بالهراوة، وقال: لتصدقني وإلا ضربتك بهذه ضربا مبرحا، فأخبره الخبر فعفا عنه. وهذه من لطايف الكنايات وأحلى الإشارات «٤» .

وله تصانيف مذكورة، وطلب آخر عمره ليعلّم أولاد المقتدر. وتوفي لا ثنتي عشرة ليلة بقيت من جمادى الآخرة سنة عشر وثلثمئة.

<<  <  ج: ص:  >  >>