أيّد الله اقتدارها مسدّدة، ولا أشرع سنانا في صدورهم إلا ونصر مورده، ولا حمل سيفا إلى هامهم إلا وتأييده مجرّدة. فما طاش له سهم، ولا ارتعش رمح، ولا فلّ نصل، وفات أعداء العتبة الشريفة، وأعاذ الله بين صريع مقتول وأسير مكبول، وطريد منهزم ومال مقتسم قد أدال الله من طاعنهم، وأمكن من نواصيهم. وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وتأييد من المواقف الشريفة، وهمّة من المجلس الفلاني دام سعد الذي قام مقام الجيش العرمرم، وناب مناب كل حسام ولهذم «١» . ففتّ في عضدهم، وقذف الرعب في قلوبهم. ولولا ما منحنا الله به من نصر أمير المؤمنين وآرائه الباقية لكنّا على شفا جرف هار، فالحمد لله الذي وفّقنا لمرضاته، وهدانا إلى أوضح سبيله، وجعلنا ممّن يعمل بنفله وفرضه، ويرضي خليفته في أرضه.
وقوله:
وبلغني بفضل فلان، أنار الله نجم إقباله، وأسبغ عليه ثوب أفضاله وجعله قبلة للمحامد، وكعبة للصادر والوارد، وأوزعني شكر نعمائه، وألهمني نشر ثنائه، وكفاني في مودته مالا أتوقّع، وحرس لي مهجته بعينه التي لا تهجع. فلم يزدني ذلك زيادة على ما أعتقد فيه.
أدام الله نعمته من سحاجة «٢» الأخلاق، وطهارة الأعراق؛ وإنما كانت تزيد في هذه التفضلات عقيدة في كرمه وجميل مودّته، لو كنت أتوسم فيهما نقيضه. فأما إذا تيقّنت كما هما، فلا. وأما الشكر فإن شكرت فأهل له، وإن أمسكت فمودة بيننا؛ أكرم من أن يحتاج إلى روابط الشكر.
وبعد، فقد رفّت عليّ من شوارد غرره، وفرائد درره عروس غضّة المعاني، عذبة الألفاظ حلوة الدلال، فاترة اللحاظ. قد بلغت النهاية في الإبداع حتى ملكت الأبصار والأسماع. وقد عوّزها فلان بتواضعه؛ ليصرف عنها عين الكمال، ويتكررها في حلل الجمال.