واختصّ به وسافر معه إلى مصر واقتنى من كتب خزانتها كل نفيس.
قال ابن الجيمي: كنت بالقاهرة، فكتب إليّ الشيخ أبو اليمن من دمشق أبياتا: [الخفيف]
أيها الصّاحب المحافظ قد حمّ ... لتنا من وفاء عهدك دينا
نحن بالشام رهن شوق إليكم ... هل لديكم بمصر شوق إلينا
قد عجزنا عن أن ترونا لديكم ... وعجزتم عن أن نراكم لدينا
حفظ الله عهد من حفظ العه ... د أوفى به كما قد وفينا
قال: فكتبت إليه من أبيات: [الخفيف]
أيّها السّاكنون بالشّام من كن ... دة إنّا بعهدكم ما وفينا
لو قضينا حقّ المودّة كنّا ... بحبّنا بعد بعدكم قد قضينا
وكتب إليه ابن الدهان الفرضي: [البسيط]
يا زيد زادك ربّي من مواهبه ... نعمى يقصّر عن إدراكها الأمل
لا غيّر الله حالا قد حباك بها ... ما دام بين النّحاة الحال والبدل
النّحو أنت أحقّ العالمين به ... أليس باسمك فيه تضرب المثل
ومن شعر الكندي وقد طعن في السنّ: [الطويل]
أرى المرء يهوى أن تطول حياته ... وفي طولها إرهان ذلّ وإرهاق
تمنّيت في عصر الشّبيبة أنّني ... أعمّر والأعمار لا شكّ أرزاق
فلمّا أتاني ما تمنّيت ساءني ... من العمر ما قد كنت أهوى وأشتاق
يخيّل لي فكري إذا كنت جالسا ... ركوعي على الأعناق والسّير إعناق «١»
ويذكرني منه النسيم وروضة ... حفائر يعلوها من الترب أطباق
وها أنا في إحدى وتسعين حجّة ... لها فيّ إرعاد مخوف وإبراق
يقولون ترياق لمثلك نافع ... وما لي إلا رحمة الله ترياق «٢»