والقرآن وبرع في علومه وأتقنها غاية الإتقان، ثم انتقل إلى دمشق ودرس بجامعها في زاوية المالكية. وأكبّ الخلق على الاشتغال [عليه]«١» والتزم لهم الدروس، وتبحّر في الفنون.
وكان الأغلب عليه علم العربية. وصنّف مختصرا في مذهبه، ومقدّمة وجيزة في النحو، وأخرى مثلها في التصريف، وشرح المقدمتين، وصنّف في أصول الفقه وكلّ تصانيفه في نهاية الحسن والإفادة. وخالف النحاة في مواضع، وأورد عليهم إشكالات وإلزامات تبعّد الإجابة عنها، وكان من أحسن خلق الله ذهنا. ثم عاد إلى القاهرة وأقام بها، والناس ملازموه للاشتغال عليه. وانتقل في آخر عمره إلى الإسكندرية للألفة بها، فلم تطل هناك. وتوفي بها يوم الخميس، سادس عشر شوّال سنة ست وأربعين وستمئة «٢» . ومولده بأسنا في أواخر سنة سبعين وخمسمئه.
ومن شعره قوله:[البسيط]
إن عبتم صورة عن ناظريّ فما ... زلتم حضورا على التحقيق في خلدي
مثل الحقائق في الأذهان حاضرة ... وان يرد صورة من خارج يجد
وقوله في المعنى:[الخفيف]
إن تغيبوا عن العيون فأنتم ... في قلوب حضوركم مستمرّ
مثل ما قامت الحقائق في الذ ... هن وفي خارج لها مستقرّ