وكأن خيط عذاره لمّا بدا ... خيط من الظلماء فوق صباح
قال: وأنشدنا لعلي بن محمد بن حسباني الكوفي، وكان عنده مع جماعة من الشعراء يداعبه: [البسيط]
داعبت وهنا فتى عدلان معتمدا ... إيقاد سمعته لما دجا الغسق
فاصفرّ ثم انثنى بالغيظ مشتغلا ... وأقبل الدمع من عينيه يستبق
فخلته شمعة أخرى وأقسم لو ... لم أطفها كنت بالأنفاس أحترق
فقال ابن بطريق:
موفق الدين يا من في فكاهته ... وفيه يحلو لعين الساهر الأرق
إنّ ابن عدلان في إيقاد شمعته ... ما شأنه الغيظ من نحل ولا الحنق
لكن رأى الليل أولى أن يقضّيه ... في نيّرات معان منك تأتلق
لا شيء أحسن منها إذ بدت شغلا ... شيء ينظم فيها لؤلؤ نسق
قال: ومرّ الكوفي برأس عين بعد مدة طويلة، فأنشد لنفسه في المعنى: [الطويل]
متى ما يصف ربع ابن عدلان متصل ... بأبيض مطروق العشيات مفضل
دعاني ملحّا فاستحيت ومن يكن ... أخا سعة في النّفس يدع ويفضل
فإذ كنت من سود النواحل سمعة ... إلى الدهر أبقى من شماريخ يذبل
توارثها آباؤه عن جدوده ... وكانت قديما عندهم للتجّمل
أضاءت لنا وهنا فأظلم وجهه ... وقال أتذكى شمعة عند مشعل
وذكره اليونيني في الذيل، وقال: كان عالما فاضلا أديبا مفنّنا شاعرا، ومولده بالموصل في الخامس والعشرين من جمادى الأولى، وتوفي تاسع شوال سنة ست وستين وستمئة.
«١»