تزال تزجي إليه القلاص، ويكثر من سربه الاقتناص وكلها تفنن عيونا، وتحسن أبكارا وعونا.
قال أبو الفتح ابن اليونيني: كان أوحد عصره في علم النحو واللغة العربية مع كثرة الديانة والصلاح والتعبّد والاجتهاد. وسمع وحدّث. وكان مشهورا بسعة العلم والإتقان والفضل، موثوقا بنقله، حجّة في ذلك. وله عدّة تصانيف حسنة مفيدة، وإليه انتهى علم العربية. ولم يكن في زمنه من يجري مجراه، وفي غزارة علمه ووفور عمله. وكانت وفاته بدمشق في ثاني عشر شعبان سنة اثنتين وسبعين وستمئة. ودفن بسفح قاسيون، وهو في عمر الثمانين.
ورثاره ابن الظهير بقصيدة منها: [الخفيف]
أدرى الخطب من أصابت سهامه ... واستخفّ الحلوم حزنا حمامه
أم درى زائر المنيّة إذا قدّ ... م ماذا أذاقنا إقدامه
بالإمام ابن مالك فجع الدي ... ن فغشّى ضوء النهار ظلامه
بإمام أفنى اللّيالي والأيا ... م في البرّ والكتاب أمامه
خلّدت ذكره الجميل علوم ... خلّدتها من بعده أقلامه
كم سقيم من الكلام شفاه ... بعد ما أيأس الأساة سقامه
ومفهّم من الدقائق ما أم ... كن منها الفهوم إلا اهتمامه
خلّف الفاضل الفريد أبا بش ... روآنست أيّامه أيّامه
لو حواه ومن تقدّم عصر ... لأقرّت بفضله أعلامه
من لأهل الآداب من بعده ها ... د إلى منهج الصواب كلامه
فقروا راغمين منه أبا برّ ... اعطوفا فكلّهم أيتامه
أولع النقص بالكمال فما ... أوجب هذا السرار إلا تمامه