ولم يزل برقها حتى دخلت المقدار، ونادته السعادة البدار البدار، فأرسل إليها رسل المنايا من بنادقه، وأخرج إليها ضبايا الروايا من زوايا جلاهقه «١» ، فأصاب منها طائرا خرّ لديه صريعا، وناداه التقدير فأجاب، ولم يكن قبلها سامعا ولا مطيعا. [الرجز]
لم يدر من آمن ينجو خيفة ... وإنما الرّامي درى كيف رمى
وذكر في أحدها قصيدة البدر يوسف بن لؤلؤ، وهي: [الكامل]
هل ذاك برق بالغوير أنارا ... أم أضرموا بلوى المخصّب نارا
وكلاهما إن لاح من هضب الحمى ... لي شائق ومهيّج تذكارا
فيم التعلّل والشّتات منكّب ... عني وقد شطّ الحبيب مزارا
وقد استردّ الدهر أنواب الصّبا ... وكذاك يوجد ما يكون معارا
فارفق بدمعك في الفراق فما الذي ... يبقى ليسقي أربعا وديارا
ودع النسيم يراوح القلب الذي ... أورى زناد الشّوق فيه أوارا
مع أنني أصبو إلى بان الغضا ... إن سمت برقا أو شممت عرارا
فاليوم لا دار بمنعرج اللّوى ... تدنو بمحبوب لنا فيزارا
كلّا ولا قلبي المشوق بصائر ... عنهم فأبدت دمنة أودارا
فسقى اللّوى لا بل سقى عهد اللّوى ... صوت الغمائم هاميا مدرارا
ولقد ذكرت على الصّراة مراميا ... ينسى بحسن وجوهها الأقمارا
وعلى الحمى يوما ونحن بلهونا ... نصل النّهار ونقطع الأنهارا
في فتية مثل النجوم تطلّعوا ... وتخيرّوا صدق المقال شعارا
من كلّ نجم في الدياجي قد لوى ... في كفّه مثل الهلال فدارا
متعطّفا من جرم داود الذي ... فاق الأنام صناعة وفخارا
فالآن قد حنّ المشوق إلى الحمى ... وتذكّر الأوطان والأوطارا
وصبا إلى البرزات قلّت كلّما ... طارت به جزر اللغالغ «٢» طارا