فالتمّ يضرب بالجناح كأنّه ... أبدى البيان يحرّك الأوتارا
خاض الظلام وغبّ فيه فسوّ ... د الرّجلين منه وسوّد المنقارا
وأتى يبشّر باللقاء فضمّخت ... تلك المغارز عنبرا ونضارا
والكي «١» كالشيخ الرئيس مزّمل ... في بردتيه هيبة ووقارا
يسطو على الأسماك يوما كلّما ... أذكى له حرّ المجاعة ثارا
والوزّ همّ هاجنا تنغيمه ... ليلا وكم قد شاقنا أسحارا
فاذا تباشير الصباح ثنى له ... عطفا وصفّق بالجناح وطارا
وترى اللغالغ تستبيك بأعين ... حورية صفر الجفون صغارا
فكأن ورسا ذاب في أجفانها ... فحكى النّضار وحيّر النظّارا
وترى الانسياب النوافر تنثني ... بين الرّياض كأنهن عذارى
يسلبن أرباب العقول عقولهم ... ويرعن منه حيلة ونفارا
وترى الحبارى كالقطا أرياشها ... أو كالرياض تفتحا أزهّارا
هجرت مناهلها على برح الظما ... واستبدلته ذوبة وقفارا
والنّسر سلطان لها لكنّه ... لم تلفه لدمائها هدّارا
قد شاب منه رأسه من طول ما ... كثرت عليه عصوره أدوارا
أرخى جناحيه عليه كجوشن «٢» ... لو كان يمنع دونه الأقدارا
وإذا العقاب سطا وصال بكفّه ... عاينت منه كاسرا جبّارا
يعطي ويمنع عزّة وتكرّما ... ويلجّ ممنوعا ويمنع جارا
وترى الكراكي «٣» كالرماد وربما ... فرقت فأذكت في القلوب النّارا
قد سطّرت في الجوّ منها أسطرا ... وطوت سماء سجلّها أشعارا
فإن انصرعن فلا تكن ذا غفلة ... عن أن ينقّط حليهنّ مرارا