وحكى أنه أتى إلى الفقيه العلّامة كمال الدين بن يونس فألفاه على دجلة وحوله جماعة يتفقهون به، فرأى بحرمته ومنها وعجتين إذ أخذت عنه وعنها، فقال:[الوافر]
تجرّ الموصل الأذيال فخرا ... على كلّ المنازل والرّسوم
بدجلة والكمال هما شفاء ... بهيم أو لذي فهم سقيم
فذا بحر تدفّق وهو عذب ... وذا بحر ولكن من علوم
وحكى أنه أتى دمشق فرأى صبيا من أبناء الكتّاب، يعرف بابن عصيفير، قد عصفرت ديباجته، وتمت فيه من الحسن حاجته، فوقف حائرا، وسقط قلبه في يده طائرا، فقال:[الوافر]
متى نيل المؤمّل من غزال ... على الأحياء سلّط مقلتيه
كأنّ فؤاد عاشقه المعنّى ... سميّ أبيه يخفق في يديه
وهذا من قول المجنون:[الطويل]
كعصفورة في كفّ طفل يظلّها ... تقاسي حياض الموت والطفل يلعب «١»
عدنا إليه. حكى أنه كان يتعهد درس الفقيه العلامة كمال الدين بن يونس لصحبة كانت بينهما أكيده، وسوالف مدّه عديده. وكان ابن يونس لا يبقي من أهل الفضل محصل ولا من هو من أفنان العلم متوصل، حتى يحل بداره، ويحمل مما كنز تحت جداره، فأتاه يوما وقد حضر جماعة قد تطيلسوا «٢» ، وتعاقدوا على إسكاته. فلما تكلم أبلسوا «٣» ، فقال الصّهاجي:[الطويل]
كمال كمال الدين للعلم والعلا ... فها هو ساع في مساعيك يطمع