للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن تطير مع النّسرين أرجله ... فليس يدركه بضّي ولا خرزي «١»

فامنن بعفو جميل لا تكدّره ... فالعفو في شيم الأشراف كالطّرز

فكرّ رسوله راجعا في بكرة غده، وأتى إليّ بورقة يحملها في يده ثم ناولنيها، وقد برقعه الحياء بصفرة، وأطرق كأنه يردى في حفرة.

وكان الشيخ قد علّم ذلك الصبي هذه الحيلة، وأراد أن يكبر عندي هذه الطلابة القليلة.

وفطنت للمراد ووطيت من جمره على الرماد، وقرأت قصيدته غير مكترث، وقلت له: يعين الله على خلاصي من الذمة قول منبعث، فقال: أنا في قيد الجواب، لا أبرح حتى استصحبه، وأرى معي أبيات إنباته مصحبه، فتتبعت أثره ورددت عليه أو أكثره، وعدلت له فرحا بمصاب، وخلطت له عسلا بصاب، وعرّفته قدر صنائعه وقيمة رائعه وإنّ تحفته ليست سنيّه، وثمرات رطبه غير جنيّه. ثم ثبت له على الحق وقطعت بإرسالها سبية من غير رقّ؛ إلّا أنني أخّرت له أوراقا من الكتاب المعار، والطلب الذي عقد لأجله النقع المثار؛ حبّا لمداعبته، وإيثارا لدوام مطالبته. وكان الذي كتب إليّ: [البسيط]

ما إن للكرم الموعود إنجاز ... يا من له الفضل والإحسان ينجاز

أشبهت في النظم باللفظ البديع وبال ... معنى الغريب لنظم فيه إنجاز

ما يشبه البحر في أمواجه ثمد «٢» ... ولا الصدور نشا المذكيّ إعجاز

إن كان أشبهك الأعلام في شرف ... فأنت بالعمّة العلياء تمتاز

سموت للعالم العلويّ حيث يرى ... للنيّرات به فخر وإعزاز

يمضي زمان ونور النيّرين معا ... يخفى وللشّهب في الآفاق إبراز

فلا يملن إلى ما كان من عرض ... للجوهر الفرد فالأعراض أوفاز

في لذّة العلم ما يعني الأريب به ... عن ريبه غيركم ما إن بها فازوا

ما كان إلّا انتقال من عل لعل ... فيه لمنصب فضل الله إحراز

<<  <  ج: ص:  >  >>