للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله في غلام أسود عثمان، ومعه عبد له أسود: [الطويل]

وريم حكى بدر الدّجى في جماله ... وغصن النّقا في القدّ والظبي في اللّمح

شكا وهجا من طول صوم وحرّه ... فخفّف عنه بعض ذلك بالسّبح

تجرّد عن جسم سبيكة فضّة ... فيا حسن ما انشقّ الظلام عن الصّبح

وقارنه في العوم زنجي جلده ... فلاحا لنا ضدّين بالحسن والقبح

وقالوا غروب الشمس في البحر آية ... ونحن رأينا ذاك في الحلو لا الملح

وكم مرّ لي وقت تمنّيت وصله ... وذو الصبر للأيام يظفر بالنّجح

فسحقا لأيام تقضّت بخيلة ... وسقيا ليوم صالح بالمنى سمح

رأيت الذي أهواه فيه مجالسي ... تعاطى كؤوس الأنس بالجدّ والمزح

ويبسم عن سلك من الدّر أشنب ... وينسم عن مسك ذكيّ على النّفح

همو شبّهوا بالشمس نور جبينه ... وبينهما فرق سليم من القدح

تغيب ونور الشّمس لا شكّ واحد ... وعثمان ذو النورين يمشي كما يضحي

وما أنس لا أنس انفرادي بوصله ... عشية ما أشكو أقاسي من البرح

فنام قرير العين ملء جفونه ... وجفني ذو قرح ودمعي ذو سحّ

ومنه قوله: [الكامل]

ذو غرّة نوريّة ذو طرة ... ظلميّة فيها ضلال من اهتدى

شرك النواظر والخواطر طرفه ... فلكم به طير القلوب تصيّدا

ما إن يهزّ منفّقا من قدّه ... إلّا وكان به فؤادي مقصدا

ولما يسيل مهنّدا من لحظه ... إلّا غدا وسط الجوانح مغمدا

ولما يعنّيك الفريض مردّدا ... إلّا وأنساك العريض ومعبدا

غنّى فأطرب كل شيء لحنه ... حتى الجماد غداه منه ما غدا

كم حرّكت نغم له من ساكن ... ولكم بها نعما لدينا أوجدا

كادت تطير من السرور قلوبنا ... لو لم يكن قلب لجسم قيّدا

شرفت على أبصارنا أسماعنا ... إذ قام فيها بالأغاني منشدا

<<  <  ج: ص:  >  >>