للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما أرباب المعاني والبيان، وهم خواص أهل العربية وأعيان من نظر منهم في أسرارها ونقّب عن تمام بدورها الكوامل وسرارها «١» ، وقليل ما هم ومن هم.

وقد تكلموا على المعاني والألفاظ، وسمّوا الأول المعاني والبيان. وسمّوا الثاني البديع.

وهو كاشف عن عجائب الكتاب والسنّة، ومخرج من خبايا معانيه غرائب الأجنّة. وقد ذكر ابن أبي الإصبع في كتابه، تحرير التحبير أن ابن المعتزّ وقدامة أول من اعتنى بعلم البديع، وقال ما معناه: أن ابن المعتز هو الذي سمّاه البديع واختصر في كتابه بهذه التسمية على خمسة أبواب، قد ذكرها في العيون ضمن المعاطلة؛ لأنه قال: ولا أرى المعاطلة إلّا ما حسن من الاستعارة سمّاه المعاطلة. والحسن منها سمّاه ابن المعتز بديعا. ولم يبوب قدامة في المحاسن.

وانفرد ابن المعتز بتبويبه غاية في البديع، التجنيس والطباق متواردا مع قدامة عليهما، وردّ الأعجاز على الصدور منفردا به وختمها بخامس عزا تسميته إلى الجاحظ، وهو المذهب الكلامي منفردا به. وإن كان ما قبله من الأسماء قد سبقت المغرب إلى وضعها؛ لكن لا على مراد ابن المعتز وربّما سبق ابن المعتزّ إلى نقلها عن مسمياتها إلّا وله إلى ما أراد.

وقال ابن المعتز في صدر كتابه: وما جمع قبلي فنون البديع أحد، ولا سبقني إلى تأليفه مؤلف، وألّفته سنة أربع وستين ومئتين. وأول من نسخه مني علي بن يحيى بن منصور المنجّم. ثم قال بعد سياقه الأبواب الخمسة: وهم الآن، نذكر محاسن الكلام والشعر؛ وإن كانت محاسنها كبيرة، لا للعاقل العالم أن يدعي الإحاطة بها حتى تبرأ من شذوذ بعضها عن عمله. واجبنا بذلك أن نذكر فوائد كتاب للمتأدّبين ويعلم الناظر فيه أنّا قد اقتصرنا بالبديع على الفنون الخمسة؛ اختيارا من غير جهل بالطريقة، ولا ضيق في المعرفة. فمن أحبّ أن يقتدي بنا، ويقتصر عن تلك الخمسة بالبديع فليفعل. ومن أضاف من هذه المحاسن أو غيرها شيئا إلى البديع وارثا غير رأينا فله اختياره، وهذا ذكر المحاسن «٢» . ثم ذكر

<<  <  ج: ص:  >  >>