من سمّاه تهذيبا لا يخصّ بهما الشعر دون النثر، ولا النثر دون الشعر. وذكر ائتلاف القافية مع ما يدل عليه سائر البيت، وسمّاه من بعده التمكين. وخصّ به الشعر أيضا وهو لا يخصّه. وفرّع قدامة من هذا بابي التوشيح والإيغال، وذكر الترصيع «١» في ائتلاف القافية مع ما يدل عليه سائر البيت في ضمن كلامه، ولم يفرده.
فهذه ثلاثة عشر بابا صحّت لقدامة بعد إسقاط ما تداخل عليه، وهو التكافؤ؛ فإذا أضيفت إلى ما انفرد به ابن المعتز من البديع، وأضافه إليه من المحاسن وتوارد عليه مع قدامة صارت هذه الأصول من كتابهما بعد حذف النوارد والتفاضل ثلاثين بابا سالمة من التداخل.
قال ابن أبي الإصبع: فهذه أصول ما ساقها الناس في كتبهم من البديع ثم اقتدى الناس بابن المعتز في قوله: فمن أحبّ أن يضيف فليفعل، فأضاف الناس المحاسن من البديع، وفرّعوا من الجميع أبوابا أخر، وركّبوا منها تراكيب شتّى، واستنبطوا غيرها بالاستقراء من الكلام والشعر؛ حتى كثرت الفوائد ورأو ابن المعتز قد غلّب اسم البديع على المحاسن، فسمى كتابه، البديع. وهو جامع لهما معا، فاقتدوا به؛ لانه المخترع الأول، فسمّوا أنواع كتبهم بالبديع؛ وإن سمّى كلّ منهم كتابه باسم مرجعه إلى معناه؛ إلّا أن يكون قد ألّف في مجموع البلاغة وكنه الفصاحة، فإن له أن يسميه بما شاء «٢» . ثم إن ابن أبي الإصبع زاد في كتابه، تحرير التحبير، وجمع بعد ما تقدّم من أصول الأبواب ستين بابا من الفروع، وأضاف هذه الستين إلى الثلاثين الأصول، فصارت الفذلكة «٣» تسعين بابا قال ابن أبي الإصبع: ثمّ عنّ لي استنباط أبواب تزيد بها الفوائد وتكبر بها الإمتاع، نسجا على منوال من تقدّمني، واتباعا لسنّة من سبقني ظني إلى شيء منها، اللهم إلّا أن يوجد في زوايا الكتب التي لم أقف عليها شيء مما اخترعته، فأكون أنا والسابق إليه متواردين عليه. وما أظنّ ذلك والله أعلم.
ثم قال: ولما انتهى استخراجي إلى هذا العدد أمسكت عن الفكر في ذلك، ليكون ما أتيت