للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدخل حلب. وكتب إليه الجواب: إنّا الخادم المعترف بالإنعام، وكسر الألف من، أنا، وشدّد النون وفتحها.

فلمّا وقف الشيخ أبو نصر على الكتاب سرّ بما فيه، وقصد بذلك: إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها «١»

: فكتب إليه يحذّره ويستصوب رأيه في ترك الحضور، ويستعلم أخباره فكتب إليه ابن سنان، وهو آخر شعر قاله: [البسيط]

خف من أمنت ولا تركن إلى أحد ... فما تزيد على غدر الأعاريب

تمسّكوا بوصايا اللّؤم بينهم ... وكاد أن يدرسوها في المحاريب

أعدّ قرب رحيلي منهم فرجا ... وما مقامي وعيش الدّهر يسري بي «٢»

قال: فلما رأى محمود امتناع ابن سنان من حضور مجلسه، والركون إليه أخذ يفكر في حيلة يبلغه بها، فاستدعى أبا نصر ابن النحاس، وقال له: أنت أشرت عليّ بتولية هذا الرجل، ولا أعرف فراغ بالي منه إلا من جهتك، ومتى لم تفعل ما آمرك به قتلتك، وألحقت بك جميع من بينك وبينه حرمة. واعلم أن العلامة في نصحك وترك الغش منك لي موته. ومتى لم يقع هذا ألّا أقبل لك عذرا. وضربت عنقك. فقال له: مرني بأمرك. قال: تمضي إليه، وفي صحبتك ثلاثون فارسا، فإذا قاربته أنفذت من يعرفه حولك؛ فإنه إذا عرف ذلك لا يرى ترك النزول إليك والتلقي لك، فإذا فعل ذلك وسألك النزول عنده والأكل معه فامتنع، وعرّفه أني حلّفتك ألّا تأكل زاده، ولا تحضر مجلسه حتى يعطيك في الحضور عندي. وطاوله في المخاطبة حتى يقارب الظهر، ثم ادّع أنك قد جعت واخرج هذين الخشتنانكتين، فكل أنت هذه وأطعمه هذه، فإن استوفى أكلها عجّل الرجوع إليّ؛ فإن ميتته فيها.

فسار ابن النحاس مقدّما رجلا ومؤخرا أخرى، مقسّم الفكر في إتلاف مثل ذلك الأخ.

قال: وعزمت على الهرب، ثم فكّرت فيمن خلّفت من العائلة، فألجأته الضرورة إلى أن فعل

<<  <  ج: ص:  >  >>