وأصبحت مثل الصباح شيمها، ودامت في أدويتها «١» هائمة، وفوق ألويتها حائمة، إلى أن دعيت فأجابت، وجالت المهامه وجابت، فتمت إرادتها، وختمت بالخير سعادتها، وبّأت الأرض المقدسة مدفنا، وحققت [أن رأي سواها كان يفنى]«٢» .
كانت رضي الله عنها من أعيان عصرها، وأخبارها في الصلاح مشهورة، وذكر أبو القاسم القشيري في" الرسالة"«٣» أنها كانت تقول في مناجاتها:" إلهي! أتحرق بالنار قلبا يحبك؟ ". فهتف بها مرة هاتف:" ما كنا نفعل هذا، فلا تظنّي بنا ظنّ السوء".
وقال سفيان الثوري رضي الله عنه عندها يوما: وا حزناه!. فقالت: لا تكذب بل قل: وا قلّة حزناه، لو كنت محزونا لم يتهيّأ لك أن تتنفس. «٤»
وكانت رضي الله عنها تقول:" ما ظهر من أعمالي فلا أعدّه شيئا".
ومن وصاياها:" اكتموا حسناتكم كما تكتموا سيئاتكم".
وقالت عبدة بنت أبي شوّال «٥» - وكانت تخدم رابعة-: كانت رابعة تصلي الليل كلّه، فإذا طلع الفجر هجعت في مصلّاها هجعة خفيفة حتى يسفر الفجر، فكنت أسمعها تقول إذا وثبت من مرقدها ذلك وهي فزعة:" يا نفس كم تنامين؟! يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النشور". وكان هذا دأبها حتى ماتت.
ولما حضرتها الوفاة، دعتني وقالت: يا عبدة! لا تؤذني بموتي أحدا، وكفّنيني في جبتي هذه، وهي جبة من شعر، [كانت تقوم فيها إذا هدأت العيون، قالت: فكفّنّاها في تلك