وقال أبو عبد الله بن الجلّاء: كنا في غرفة سريّ السّقطي ببغداد، فلما ذهب بعض الليل، لبس قميصا نظيفا، وسروالا، ورداء، وقام ليخرج، فقلت: إلى أين في هذا الوقت؟.
فقال: أعود فتحا.
فلما مشى في طرقات بغداد، أخذه العسس، وحبسوه، فلما أصبح أمروا بضربه مع المحبوسين، فلما رفع الجلّاد يده، وقفت فلم يقدر أن يحرّكها!، فقيل للجلّاد: اضرب.
فقال: حذائي شيخ واقف يقول: لا تضربه!!. فتقف يدي لا تتحرك!!. فنظروا؛ من الرجل؟. فإذا هو" فتح الموصلي" فأطلقوه، واعتذروا إليه، لأنهم لم يعرفوه.
وقال إبراهيم بن نوح الموصلي: رجع فتح الموصلي إلى أهله بعد العتمة، وكان صائما، فقال: عشّوني!. فقالوا: ما عندنا شيء نعشّيك به. قال: فما لكم جلوس في الظّلمة؟.
قالوا: ما عندنا شيء نسرج به!. فجلس يبكي من الفرح، وقال:" إلهي! مثلي يترك بلا عشاء؟!، ولا سراج!!، فأيّ يد كانت مني؟ ". فما زال يبكي حتى الصباح «١» .
وقال شعيب بن حرب: دخلت على فتح الموصلي أعوده، وهو مريض، فقلت له: يا أبا محمد! أوصني. فقال: أليس الإنسان إذا منع من الطعام والشراب يموت؟ قلت: نعم. قال:
" فكذلك القلب إذا منع من الذكر يموت".
وروي أنه دخل على بشر الحافي فقال له: يا أبا نصر! ابعث إلى السوق واشتر لنا خبزا جيدا، وتمرا جيدا. ففعل بشر ذلك. فأكل الفتح منه، وأكثر، وحمل الباقي «٢» فقال بشر لمن كان عنده: أتدرون لم قال: اشتر خبزا جيدا، وتمرا جيّدا؟. فقالوا: لا. قال: لأن الطعام الصافي الجيّد يصفو لصاحبه عليه الشكر. ثم قال لهم: أتدرون لم أكثر الأكل؟. قالوا:
لا. قال: لأنه علم أني أفرح بأكله، فأراد أن يزيدني سرورا وفرحا. قال: أتدرون لم حمل