للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الكتاني: سمعت الخواص يقول: كنت في البادية مرة، فسرت في وسط النهار، فوصلت إلى شجرة بقرب ماء، فنزلت، وإذا سبع عظيم قد أقبل، فاستسلمت، فلما قرب مني إذا هو يعرج، فحمحم، وبرك بين يدي، ووضع يده في حجري، فنظرت، فإذا يده منتفخة فيها قيح ودم، فأخذت خشبة، وشققت الموضع الذي فيه القيح والدم، وشددت عليه خرقة، فمضى به، وإذا به، بعد ساعة قد عاد، ومعه شبلان يبصبصان إليّ، وحملا إليّ رغيفا!.

وقيل له: ما بال الإنسان يتحرك عند سماع غير القرآن، ما لا يجد في غير سماع القرآن؟.

فقال:" لأن سماع القرآن صدمة لا يمكن أحد أن يتحرك فيها لشدة غلبتها، وسماع القول ترويح يتحرك فيه." «١»

وقال علي بن محمد: كنت جالسا مع إبراهيم الخوّاص، وهو يتكلم في العلم، وحوله جماعة، إلى أن طلعت عليه الشمس، وحميت، حتى وجدتّ حرّها، وهو جالس لا يعبأ بها، فلما اشتدت قلت له: يا سيدي! ألا تقوم إلى الفي «٢» ، فهو أرفق بك؟.

فقال لي: ويلك، ما تدلني إلا على الشرك!.

ثم أنشأ يقول:

لقد وضح الطريق إليك قصدا ... فما أحد أرادك يستدل

فإن ورد الشتاء فأنت صيف ... وإن ورد المصيف فأنت ظل

وقال:" آفة المريد ثلاث خصال: حب الدرهم، وحب النساء، وحب الرياسة. «٣»

فتدفع آفة حب الدرهم: باستعمال الورع.

وتدفع آفة حب النساء بترك الشهوات، ومداومة الصوم، فإنما تتولد هذه الشهوة من الشبع، وفراغ القلب.

<<  <  ج: ص:  >  >>