إذا قلت: أهدى الهجر لي حلل البلى ... تقولين: لولا الهجر لم يطب الحب
وإن قلت: هذا الحب أحرقه الهوى ... تقولي: بنيران الهوى شرف القلب
وإن قلت: ما أذنبت. قلت مجيبة ... حياتك ذنب لا يقاس به ذنب
فصعقت، وصحت ... !.
فبينا أنا كذلك، إذا بصاحب الدار قد خرج، فقال: ما هذا يا سيدي؟!.
فقلت له: مما سمعت.
فقال: أشهدك أنها هبة مني إليك.
فقلت: قد قبلتها، وهي حرة لوجه الله تعالى.
ثم دفعتها لبعض أصحابنا بالرباط، فولدت له ولدا نبيلا، ونشأ أحسن نشوء، وحجّ على قدميه ثلاثين حجة على الوحدة. «١»
" عن الحلية"«٢» الصوفية، أنها حكت بسندها إلى الجنيد، قال:" كنت لهجا بزيارة الرهبان، والمنقطعين إلى العبادة من سائر الأديان، فحكي لي: إن في أقصى بلاد الروم جارية فتيّة السن، قد اتخذت وتدا من حديد، وعارضة، وغلّت يدها وعنقها إليه، وتعلّقت بين السماء والأرض، لا تقرّ من العبادة!، فاجتهدت إلى أن وصلت إلى ذلك الموضع، ورفعت رأسي إليها، فحين بصرت بي قالت لي: يا أبا القاسم! إن لم يكن حقا فهو حقيقة!!!.
و [قال أبو محمد الجريري] : كان في جوار الجنيد رجل مصاب [في خربة] ، فلما مات الجنيد [ودفنّاه، تقدّمنا ذلك المصاب، وصعد موضعا رفيعا وقال لي:" يا أبا محمد! تراني أرع إلى تلك الخربة بعد أن فقدت ذلك السيد؟! ".