وروي أن الجنيد قال له يوما: لو رددت أمرك إلى الله لاسترحت.
فقال الشبلي:" يا أبا القاسم! لو رد الله تعالى أمرك إليك لاسترحت".
فقال الجنيد:" سيوف الشبلي تقطر دما."«١»
وقال:" سهو طرفة عين عن الله تعالى- لأهل المعرفة- شرك بالله تعالى."«٢»
وقال الشبلي:" ليس من احتجب بالخلق عن الحق كمن احتجب بالحق عن الخلق.
وليس من جذبته أنوار قدسه إلى أنسه، كمن جذبته أنوار رحمته إلى مغفرته". «٣»
وكان يقول في مناجاته:" أحبّك الخلق لنعمائك، وأنا أحبك لبلائك". «٤»
وقال عبد الله بن محمد الدمشقي:" كنت واقفا على حلقة الشبلي، في جامع المدينة، فوقف سائل على حلقته، وجعل يقول: يا الله، يا جواد!، فتأوه الشبلي وصاح، وقال:
كيف يمكنني أن أصف الحق بالجود؟، ومخلوق يقول في شكله:
تعود بسط الكف حتى لو انه ... ثناها لقبض لم تجبه أنامله
تراك- إذا ما جئته- متهللا ... كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ولو لم يكن في كفه غير روحه ... لجاد بها فليتّق الله سائله
هو البحر من أي النواحي أتيته ... فلجّته المعروف والجود ساحله
ثم بكى، وقال: بلى!! يا جواد!. فإنك أوجدت تلك الجوارح، وبسطت تلك الهمم، ثم مننت- بعد ذلك- على أقوام بعزّ الاستغناء عنهم، وعما في أيديهم بك؛ فإنك الجواد كلّ الجواد، لأنهم يعطون عن محدود، وعطاؤك لا حدّ له ولا صفة. فيا جواد يعلو كلّ جواد، وبه جاد كلّ من جاد." «٥»