وكان علّامة في الفقه والتفسير، والحديث، والأصول، والأدب، والشعر، والكتابة، وعلم التصوف، وجمع بين الشريعة والحقيقة.
وأصله من ناحية" أستوا"«١» ، من العرب الذين قدموا خراسان.
توفي أبوه وهو صغير، وقرأ الأدب في صباه، وكانت له ضيعة مثقلة الخراج بنواحي" أستوا"، فرأى من الرأي أن يحضر إلى نيسابور، يتعلم طرفا من" الاستيفاء" ويحمي الضيعة من الخراج، فحضر نيسابور على هذا العزم، فاتفق حضوره مجلس الشيخ أبي عليّ الحسين بن علي النيسابوري المعروف ب" الدقاق"- وكان إمام وقته- فلما سمع كلامه أعجبه، ووقع في قلبه، فرجع عن ذلك العزم، وسلك طريق الإرادة، فقبله الدقاق، وأقبل عليه، وتفرّس فيه النجابة، فجذبه بهمّته، وأشار عليه بالاشتغال بالعلم، فخرج إلى درس أبي بكر محمد بن أبي بكر الطوسي، وشرع في الفقه حتى فرغ من تعليقه.
ثم اختلف إلى الأستاذ أبي إسحاق الأسفراييني، وقعد يسمع درسه أياما، فقال الأستاذ: هذا العلم لا يحصل بالسماع، ولا بدّ من الضبط بالكتابة، فأعاد عليه جميع ما سمعه تلك الأيام، فعجب منه، وعرف محلّه فأكرمه، وقال له: ما تحتاج إلى درس بل يكفيك أن تطّلع على مصنفاتي «٢» . فقعد وجمع بين طريقته، وطريقة ابن فورك «٣» . ثم نظر في كتب القاضي أبي بكر بن الطيب الباقلاني «٤» ، وهو مع ذلك يحضر مجلس أبي علي الدقاق. وزوّجه ابنته، مع كثرة أقاربها.