ولم يتخلف عن جنازته أحد، ولما خرجوا بجنازته من الدير، كان يوما شديد الحر، فأقبلت غمامة فأظلّت الناس إلى قبره!. وكان يسمع منها دويّ كدويّ النحل.
قال أبو المظفر: ولولا المبارز المعتمد والشجاع بن محارب، وسيف الدولة الحسامي ما وصل إلى قبره من كفنه شيء!. وإنما أحاطوا به بالدبابيس «١» والسيوف.
وكان قبل وفاته بليلة رأى إنسان كأنّ قاسيون وقع، أو زال من مكانه، فأوّلوه: موته.
ولما دفن رأى بعض الصالحين النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: من زار أبو عمر ليلة الجمعة، فكأنما زار الكعبة، فاخلعوا نعالكم قبل أن تصلوا إليه. ومات عن ثمانين سنة.
قال أبو المظفر: وأنشدني أبو عمر لنفسه:
ألم يك ملهاة عن اللهو أنني ... بدا لي شيب الرأس والضعف والألم
ألمّ بي الخطب الذي لو بكيته ... حياتي حتى ينفد الدمع لم ألم «٢»
قال: وكان على مذهب السلف الصالح سمتا وهديا، وكان حسن العقيدة، متمسكا بالكتاب والسنة، والآثار المروية، يمرها كما جاءت من غير طعن على أئمة الدين وعلماء المسلمين، وكان ينهى عن صحبة المبتدعين، ويأمر بصحبة الصالحين الذين هم على سنة سيد المرسلين وخاتم النبيين صلى الله عليه وسلم-.
وأنشد لنفسه أيضا:
أوصيكم بالقول في القرآن ... بقول أهل الحق والإتقان