ثم فتّش أصحاب الشيخ عثمان [الرومي] على السّاوجي فوجدوه بالقبة فسبّوه، وقبّحوا فعله، فلم ينطق ولا ردّ عليهم. ثم اشتهر وتبعه جماعة وحلقوا، وذلك في حدود العشرين وستمائة.
ثم لبس دلق شعر، وسافر إلى دمياط، فأنكروا حاله وزيّه، فرنق بينهم ساعة، ثم رفع رأسه، وإذا هو بشيبة- فيما قيل- كبيرة بيضاء. فاعتقدوا فيه «١» ، وضلّوا به، حتى قيل:
إن قاضي دمياط وأولاده، وجماعة حلقوا لحاهم، وصحبوه، والله أعلم بصحة ذلك. «٢»
وتوفي بدمياط بعد العشرين وستمائة. وقبره بها مشهور، وله هناك أتباع.
وذكر شمس الدين الجزري في تاريخه «٣» : أنه رأى كراريس من" تفسير" القرآن الكريم للشيخ جمال الدين السّاوجي، وبخطه.
وجلس في المشيخة بعده بمقبرة الباب الصغير، جلال الدين الدركزيني، وبعده: الشيخ محمد البلخي، وهو- أعني البلخي- من مشاهير القوم، وهو الذي شرع لهم الجولق الثقيل، وأقام الزاوية، وأنشأها، وكثر أصحابه. وكان للملك الظاهر فيه اعتقاد، فلما تسلطن طلبه، فلم يمض إليه. فبنى لهم السلطان هذه القبة من مال الجامع. وكان إذا قدم يعطيهم ألف درهم وشقتين من البسط، ورتّب لهم ثلاثين غرارة قمح، في السنة، وعشرة دراهم في اليوم.
وكان السويداوي منهم يحضر سماط السلطان الملك الظاهر ويمازح السلطان. ولما أنكروا في دولة الأشرف موسى على عليّ الحريري أنكروا على القلندرية- وتفسيرها بالعربيّ المحلّقين- ونفوهم إلى قصر الجنيد. «٤»
وذكر ابن إسرائيل الشاعر: أن هذه الطائفة ظهرت بدمشق سنة نيّف عشرة وستمائة.