عيني لكلّ شيء قالته لي نفسي. فإن قالت لي: كل. أجوع، وإن قالت: نم، سهرت، وإن قالت: استرح، أتعبتها.
قال ابنه عبد الله: انقطع أبي رحمه الله تعالى تحت الصخرة في الأقباء السليمانية سنة ستين، وصحب الشيخ عبد الله الأرموي، بقية عمره، وعاشا جميعا مصطحبين.
قال: وحجّ ثلاث مرات محرما من القدس، فقال: رجعت من الحج، وأنا مريض، لا أستطيع الكلام، فانطرحت في البرّيّة، فجاءني مغربي، فسلّم عليّ، فأومأت له، فقال: قم.
فأقامني، وجعل يده تحت جناحي، ثم سار بي يحدّثني بما أنا فيه، وبما يكون مني، لا أشكّ أني سائر في الهواء، غير أني قريب من الأرض مقدار ساعة، ثم قال: اجلس!، ونم، فنمت ونام معي، فاستيقظت، فلم أجده!. ووجدت نفسي قريبا من الشام، وأنا طيّب، ولم أحتج بعد ذلك إلى طعام ولا شراب حتى دخلت بيت المقدس.
قال:[ثم أخذ ولده عبد الله يصف توكّله وفناءه ومحبّته ورضاه، ومقاماته، وأن أخلاقه كريمة، وهيبته عظيمة، وأنه]«١» بقي عشرين سنة بقميص واحد، وطاقية على رأسه، ثم سأله الفقراء أن يلبس جبّة، فلبس، وأنه ما لقي أحدا إلا ابتسم له.
قال: ورأيت ابن شير المغربيّ، وحجّ سنة، ثم قدم وحضر عند الفقراء، فقال: كيف كان وصول الشيخ؟. قالوا: الشيخ ما حجّ.
فقال: والله لقد سلّمت عليه على الجبل وصافحته. ثم أتى إليه وسلّم عليه، وقال: يا شيخ غانم! أما سلّمت عليك بالجبل؟. فتبسّم وقال: يا شمس الدين! هذا يكون بحسن نظرك، والسكوت أصلح.
وحكى الشيخ القدوة إبراهيم [بن عبد الله] الأرمويّ قال: حضرت مع والدي سماعا حضره الشيخ غانم، والشيخ طيّ، والشيخ علي الحريري، فلما تكلم الحادي حصل للشيخ غانم حال، فحملني وقام بي، ودار مرارا، فنظرت، فإذا بي في غير ذلك الموضع، ورأيت