وطالبتني، فقلت: عليّ دين خمسة دراهم، فمن أين أشتري لك؟. فلما كان الليل نمت، فرأيت كأنّ قائلا يقول: إن أردت أن تنظر إلى إبراهيم الخليل فانظر إلى الشيخ عبد الله ابن عبد العزيز.
فلما أصبحت أتيته بقاسيون، فقال لي: والك يا علي! اجلس.
وقام إلى منزله، وعاد ومعه مقنّعة، وفي طرفها خمسة دراهم. فرجعت، وكان عندنا ورد، فجمعته المرأة وأتت به إلى بيت الشيخ عبد الله، فوجدت زوجته وما على رأسها سوى مئزر معقود تحت حنكها، رضي الله عنها. «١»
وحكى خادمه عباس، فقال: سافرت صحبة الشيخ إلى العراق، ومعنا جماعة، فلما أتينا ميافارقين، دخل الشيخ عبد الله مسجدا وكان ثمّ دكان فيها خياط سامري، فلما رأى السامريّ الشيخ دخل وقعد في رواق المسجد، فأنكر عليه بعض الجماعة، وأراد أن يخرجه، فقال له الشيخ: دعه، وإذا برجل قد دخل على الشيخ ودعاه إلى منزله، فقام الشيخ وأصحابه، والسامريّ، فلما صاروا في بيت الرجل أنشد بعض الجماعة أبياتا، قال: فضرب السامريّ بيده على رأسه، وقام إلى الشيخ، وأسلم، وصحبه.
وقال الشيخ يوما لزوجته: ما فرغ هذا الدقيق المشؤوم؟. قالت: ليس هو مشؤوم!، وقد رأينا فيه البركة. فقال: ويلك، وإلا دقيق ما يأكل منه فقير ما هو مشؤوم؟.
وكان إذا رأى فقيرا يقول: ما تجيء تعمل عندي في جبّ. فإذا أجاب قال: على شرط أي شيء جاءنا فتوح تأخذه. فكان إذا عمل الفقير عمق شبرين فإن أتي الشيخ بشيء دفعه إليه. فإذا راح عمد الشيخ فطمّ ما حفره الفقير.
توفي: في ثامن رجب سنة ثلاث وأربعين وستمائة. ودفن بقاسيون بالقرب من التربة المعظّمة. رحمه الله تعالى.