قال أبو محمد عبد الله بن عمر المقدسي- فيما جمعه من أخبار الشيخ عبد الله اليونيني وأصحابه-: ومنهم ذو المنظر المهول، والسيف المسلول، لم يكن بالكلام قوول، ولا في العمل ملول، رئيس القوم، ومحيي الليل بالتهجّد والنهار بالصوم، سلّاب الأحوال «١» ؛ الشيخ عيسى. فروى بسنده عن إبراهيم بن مسمار قال: صحبت الشيخ عيسى أربعين سنة، ما رأيته أكل فيها بالنهار.
وقال محمد بن عبد القادر اليونيني: جاء الملك الصالح إسماعيل إلى عند الشيخ واستأذن عليه ثلاث مرار، فلما اجتمع به قال له: يا سيدي! أشتهي أن أوقف عليك يومين، فامتنع من ذلك، فقال: أبني ها هنا رواقا، فقال له: ما أشتهي يكون عندي من يصدّعني.
وقال أحمد بن عثمان بن إلياس: صحبت الشيخ عيسى خمسين سنة، فحدّثنا يوما قال: ورد إليّ جماعة وتحدّثوا في كرامات الأولياء، فقلت: أعرف رجلا لو قال لهذه الحجارة: صيري ذهبا وفضة، صارت.
فقلت: يا سيدي!، ذكر عن إبراهيم بن أدهم أنه ورد إلى عنده جماعة، وتحدّثوا بمثل هذا، فقال إبراهيم: أعرف رجلا لو قال لهذا الجبل: زل، لزال!. فاهتزّ الجبل، فقال له إبراهيم: اسكن!، فسكن. فأنت لما قلت هذه المقالة صارت الحجارة ذهبا. قال: فاحمرّ وجهه، ودخل فحصل عندي مثل أني أسأت الأدب قدّامه، فلما كان بعض الليالي، توضّأ، ووقف على حجر ينشف وجهه، ويحرك الحجر برجليه، فالتفت إليّ وقال: يا أحمد! أيش كنت تقول؟. فقلت: يا سيدي! أنا أستغفر الله. قال: قال إبراهيم: وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي
«٢» فنظرت، وإذا بالحجر يلمع ذهبا!. فصحت وأغمي عليّ، فأراد الفقراء يقيموني، فقال: خلوه، فلما أفقت، اجتمعت ببعض أصحاب الشيخ، وقلت: يا فلان! ما يعرف أحد الشيخ، فقد رأيت منه كذا وكذا. ثم دخلت على الشيخ فعنّفني، ولا مني لكوني حكيت ما رأيت. وقال: يا ما فاتك مني؟.