جمال الدين خوش من الحميدية، إذا لم يجدوا لهم في الدولة الزينية حرمة مرعية ولا أخبارا مرضية.
ثم يلي هؤلاء من أربل المازنجانية، وهم طائفة ينسبون إلى الحميدية «١» ، لم يبق لهم أمير غير أمرائهم، وعدتهم تنضاف إليهم في شدتهم، ورخائهم، ولا تنقص عدة الحميدية عن ألف مقاتل، وهؤلاء هم المازنجانية، يتعانون الصلافة، ويتشبهون بالناس «٢» في الآلات واللباس، لأن أميرهم كان من أمراء الخلافة من الدولة العباسية، لقب من ديون الخلافة بمبارز الدين واسمه كنك، وكان يدعى الصلاح وتنذر له النذور، فإذا حملت إليه قبلها، ثم أضاف إليها مثلها من عنده وصدق بهما معا «٣» .
قال الحكيم الفاضل شمس الدين أبو عبد الله محمد بن ساعد الأنصاري، وقد ذكره كان ذا شجاعة وصبر وتحيل ومكر وعقل وفكر وتدبير وسياسية وتثبت ورئاسة (المخطوط ص ١٢٨) لا يهمل عدوا لصغره وحقارته، ولا يهاب من أراد به سوءا [١] لعظمته وجسارته.
نقل عن ابن الصلايا رحمه الله أنه قال حين أعطاه خبز «٤» أبيه سيف الدين محمد، وحياه، لقد توسمت في هذا الشاب سعادة لم أتوسمها في أحد سواه، فكان كما توسمه الصاحب رحمه الله، فرآه كذلك، إذ أقام في «٥» التتر في ذلك المقام، وتمكن ابن يافث من ابن سام، وتشتت «٦» أهل الإسلام، وانحل ما عهد من النظام، ولم يبق من الرجال القادرين على القتال إلا سكان الجبال فما أعجز الكفار