وقال: إنه سيحدث لك في هذه الليلة أمر عجيب، فاثبت له ولا تجزع. فلما خرجت من عنده وأنا مارّ إلى جهة أمي سمعت صوتا من جهة السماء، فرفعت رأسي، فإذا نور كأنه سلسلة متداخل بعضه في بعض، فالتفتّ على ظهري، حتى أحسست ببردها في ظهري.
فرجعت إلى الشيخ فأخبرته بما وقع لي. فقال: الحمد لله، وقبّلني بين عيني، وقال: يا بني! الآن تمت النعمة عليك، أتعلم يا بني ما هذه السلسلة؟. فقلت: لا. فقال: هذه سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأذن لي في الكلام، وكان قبل ينهاني عنه. «١»
قال حفيده: سمعته يوما وقد دخل البيت وهو يقول لزوجته: ولدك قد أخذه قطّاع الطريق! في هذه الساعة. وهم يريدون قتله، وقتل رفاقه. فراعها قول الشيخ رضي الله عنه، فسمعته يقول لها: لا بأس عليك، فإني قد حجبتهم عن أذاه وأذى رفاقه، غير أن ما لهم يذهب، وغدا إن شاء الله تعالى يصل هو ورفاقه. فلما كان من الغد وصلوا كما ذكر الشيخ، وكنت فيمن تلقّاهم، وأنا يومئذ ابن ست سنين، وذلك سنة ست وخمسين وستمائة. «٢»
قال شمس الدين الخابوري: وقع في نفسي أن أسأل الشيخ- وكان الخابوري من مريدي الشيخ أبي بكر- عن الروح؟، فلما دخلت عليه قال لي من غير أن أسأله: يا أحمد! ما تقرأ القرآن؟. قلت بلى يا سيدي. قال: اقرأ يا بني!: وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا
«٣» يا بني! شيء لم يتكلم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف يجوز لنا أن نتكلّم فيه؟. «٤»
وقال الشيخ إبراهيم البطائحي: كان الشيخ يقف على حلب، ونحن معه، ويقول: والله إني لأعرف أهل اليمين من أهل الشمال منها، ولو شئتم لسميتهم، ولكن لم نؤمر بذلك، ولا يكشف سر الحق في الخلق. «٥»