أنكرته، فسألت شيخا هناك: ما هذه القرية؟ فقال: من أين أنت؟. فقلت: من بغداد.
خرجت منها من ساعة. فقال: أظنك لا تعقل ما تقول، بينك وبين بغداد أكثر من سنة!.
فقلت: والله لقد خرجت منها من أقل من ساعتين. فقال: حدّثني قصّتك. فحكيت له أمري عن حليته، فقال: إن كنت صادقا فارجع إلى المسجد الذي دخلت إليه معه فانتظره، فإنه سيعود إليه. فرجعت إلى ذلك المسجد، فلما كان وقت العصر، حضر ذلك الشخص الذي تبعته، فلزمته، وتشبثت به، وبكيت، وتضرّعت إليه، فانتهرني، ثم رقّ لي، ورجع بي إلى بغداد، فوصلناها في مثل المسافة التي خرجنا منها، وصحبته، وخدمته مدة، وأراد السفر، فأردت صحبته، فمنعني، وقال: لا تقدر على ذلك!. وأنا مسافر إلى البلد الفلاني، وأموت في الوقت الفلاني، فإذا كان ذلك الوقت، فاحضر ذلك المكان، واشهدني. فلما دنا الميعاد، حضرت فوجدته في الموت، وقد توجّه إلى الشرق، فأدرته إلى القبلة، وهو ينحرف إلى الشرق، وتكرر ذلك منه ومني، فنظر إليّ، وقال: لا تتعب- هو إنما يموت نصرانيا! - وتكلم بما يدين به النصارى ويعتقده، ففارق، فحملناه إلى دير مشهور هناك، فيه جماعة من الرهبان، فوجدناهم في تألم شديد، وذكروا لنا أنهم كان عندهم راهب عظيم، قد أتى عليه مائة سنة، وأنه توفي تلك السنة، بعد أن أسلم، فسلمنا إليهم صاحبنا، فتولوا أمره ودفنوه، وتسلمنا ذلك الراهب وغسّلناه، ودفنّاه. فألام على كثرة البكاء؟!.
فنسأل الله تعالى حسن الخاتمة، وأن يتوفانا على الإسلام والسّنة، آمين.
توفي الشيخ علي البكّاء- رحمه الله تعالى- ببلد الخليل عليه السلام في أوائل شهر رجب سنة سبعين وستمائة، ودفن بزاويته.