المعمّداني، فنهبها، وصيّرها مسجدا، وسمّاها" المدرسة الخضراء" وأنفق في تغييرها من بيت المال مالا كثيرا. «١»
وهدم بالقدس كنيسة النصارى المعروفة بالمصلّبة، وهي جليلة عندهم، وقتل قسيسها بيده، وعملها زاوية.
وكان واسع الصدر، يعطي ويفرّق الدراهم والذهب، وعمل الأطعمة الفاخرة، في قدور مفرطة في الكبر بحيث يحمل القدرة الواحدة الجماعة من الحمّالين.
وكانت أحواله عجيبة لا تكيّف، ولا تنتظم، والأقوال فيه مختلفة، فمن الناس من أثبت صلاحه، ومنهم من رماه بالعظائم، والله أعلم بحقيقة حاله.
قلت: حكى لي والدي رحمه الله تعالى، قال: كان الشيخ خضر عظيم المكانة عند الملك الظاهر، لا يخالفه في شيء، وكان جريئا باللسان وباليد إلى غاية، فضاق منه الوزير ابن حنا ضيقا عظيما، ولم يجد له سبيلا إلى إبعاده، فشرع في التحيّل عليه، وكانت بدمشق امرأة تعرف ببنت ابن نظيف، بارعة في الحسن، خالية من الزوج، محبّة لأهل الخير، فأتى الشيخ خضر في بعض أسفاره دمشق، فسمعت به، وبعثت إليه بأنواع من المآكل، ثم دعته إلى دار لها لضيافة عملتها له؛ فجاءها، وأقام عندها أياما في مأكل وأوقات طيبة لا ريبة فيها، فبلغ ذلك ابن حنا، فجعله سلّما له إلى ما يريد يتسلق منه على الشيخ خضر، وذلك أنه خلّى تاج الدين ابن ابنه، تزوّج المرأة وأبقاها في عصمته مدة طويلة، وحملها بالرغبة والرهبة على ما تقوله في الشيخ خضر، ثم طلّقها سرا، وتحيل جده على الظاهر حتى ألقى في أذنه أن الشيخ خضر يشرب الخمر، ويزني، وأنه كان قد أحب امرأة من بنات ابن نظيف، وأفسدها، وأن تاج الدين تزوجها، ثم لم ينته عنها الشيخ خضر، وبقي يأتي إليها، فطلّقها، وأنها لو سئلت لأخبرت بالخبر، فبعث الظاهر إلى نائبه بدمشق في ذلك، وأحضر المرأة وسألها، وهي لا تعلم بتطليق تاج الدين لها، فقالت ما قرر معها أن تقوله، فكتب